أخطأ السائل .. وأصاب عُمَر!






كان دائم التردد على ميدان التحرير .. لم يتجاوز الثالثة عشر من عمره .. يبيع البطاطا للمتظاهرين على عربة هي رأس ماله وربما رأس مال أسرته التي يساعدها على مصاريف الحياة رغم صغر سنه ..

عُمَر سُؤل قبل أيام من استش هاده: "نفسك تبقى ايه لما تكبر يا عمر؟!" .. فكان رده البديهي: "مش من حقي أحلم يا أستاذ" .. كان يتكلم بلسان حال الملايين من فقراء مصر .. ربما لم يصدّق السائل عمر وهو ينفي عن نفسه حقه في أن يَحلم .. ولكن الزمن وحده كان كفيلا أن يثبت صدق حدسه .. أخطأ السائل .. وأصاب عمر ..

عمر فارق الحياة بحسب الروايات الرسمية (حتى الآن) بعد أن أصابته طلقة طائشة من مجند في تأمين المنشآت الحيوية بالمنطقة .. مات عُمَر ربما لنتذكره ونكتب عنه ونتداول فيديو لم يكن ليراه أحد إلا مرتبطا بخبر استشهاده ..

مات عُمَر ليذكرنا بملايين المصريين الذين لا يعتقدون أن لهم حق في الحياة وفي أن يحلم كغيره من الأطفال ..

مات عُمَر ليذكرنا بأننا لا نرى صور عُمر وأصدقائه في وسائل الإعلام إلا مرتبطة بالتهم المسبقة عن مظهرهم "غير النظيف" وسلوكهم "غير المهذب" مبرّرين التجاوز مع هؤلاء الأطفال بدلا من دعمهم .. ومعتبرين أنهم "مجرمين" لا "ضحايا" ..

مات عمر ليكشف الغطاء عن سياسيي هذا الوطن وكل من كان قادرا أن يساعد عمر في أن يكون له حلم يحلمه .. ذنب كل عُمر يموت في هذا الوطن في رقابنا!