منتديات كويك لووك
موضوع بعنوان :وسائل التربية الاسلامية
الكاتب :Galal Hasanin


وسائل التربية الإسلامية
تقوم التربية الإسلامية للنشء على دعامتين في وقت واحد:-

الإكرام مع التأديب . وذلك لقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):-

«أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم».

والقصد بالتأديب هو التوجيه والتنبيه على الأخطاء، والتعليم مع احترام شخصية الطفل ومنحه الحب والحنان والعطف، وبهذا الأسلوب السليم في التربية، لا ينشأ الطفل محروما أو مهانا فيحقد، ولا يصبح مدللا منعما فيفسد.

إكرام الطفل:-
1 - أول مبادىء الإكرام عدم سب الطفل لآي سبب. فلا يقال له ياشقي أو ياغبي أو ياكسول. أو يقال الله يلعنك، هذه الأمور لا تجوز في الإسلام. وفي هذا يقول الرسول (ص):
«سباب المسلم فسوق»، وإذا كان الإسلام قد نهى عن سب البهائم ولعنها. فما بالك بسب الإنسان. سمع رسول الله رجلا يسب ناقته فعاقبه رسول الله وقال له:-
(يا عبد الله لا تصاحبنا اليوم على ناقة ملعونة، فحط عنها رحالها وأطلقها )
2- ويكره في الإسلام ضرب الطفل المسلم إلا لذنب كبير، وينهى نهيا قاطعا عن ضربه على الوجه. لأن الوجه هو خلقة الله التي كرمها. فالشرع لا يقر معاقبة الطفل. بشدة ولا يسوغ ضرب الوجه.
ويكره ضرب البهائم على وجوهها لأنها تسبح الله تعالى:
«وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم». وإذا كان ضرب البهائم على وجوهها غير جائز . فكيف بضرب الأطفال الصغار؟
3 - الإسلام يدعو الأبوين ان يكونا قدوة لأبنائهما . فإذا كانا متحابين ودودين عطوفين. انتقلت هذه الصفات إلى أبنائهما. وإذا كان الأب بارا بوالديه. فان أبناءه يبرونه أيضا والعكس بالعكس. يحذر الإسلام الأبوين من الكذب على طفلهما لأي سبب سواء كان هذا للتخلص من بكائه أو طلباته أو لآي سبب آخر.
رأى رسول الله (ص) امرأة تنادي طفلها وتقول له: تعال أعطيك. قال لها: ماذا أردت أن تعطيه؟ قالت أعطيه تمرة. فقال لها الرسول: أما انك لو لم تفعلى كتبت عليك كذبة.
4 - ينصح الرسول الأمهات بتولي تربية أبنائهن بأنفسهن وعدم الاعتماد على الخدم والخادمات في تربية الطفل. وفي ذلك يقول احد الفقهاء: (أدب ولدك يكن لك بدل الخادم خادمان) التربية الصحيحة تجعل الطفل مطيعا لآبيه محبا لأسرته واثقا بنفسه تربية الخدم تجعل من الأطفال أطفالا غير مهذبين. لاختلاف العادات والتقاليد والقيم الخلقية بين الأهل وبين الخدم.
5 - ومن روائع الإسلام في مجال التربية انه يحترم مشاعر الطفل، ويأمر الرسول المسلمين بالتلطف واللعب مع الأطفال. لان هذا الأمر يخلق روح المودة والترابط في الأسرة ، يقول (ص) : « من كان له صبي فيتصاب له» وقد كان رسول الله (ص) مثالا للمودة والعطف والحنان مع أولاده وذريته، ومع أطفال المسلمين. فكان الصحابة إذا زاروه في بيته خرج إليهم وهو يحمل حفيده الحسن على كتفه، وكان الرسول (ص) يداعب الحسن والحسين. ويلاعبهما .، وكان إذا سجد يركبان فوق ظهره. ويقبلهما كثيرا ويحنو عليهما .
6 - كان الرسول (ص) يعلم الإنسان كيف يعامل طفله؟ كيف يكون ودودا مع أطفاله ليزرع الثقة في نفوسهم ويزرع الحب والحنان والعطف في قلوب الأطفال، ليسهل على الأبناء تقبل توجيهات آبائهم وتعليماتهم لما يلقون من بذور المحبة ومن المعاملة الحسنة. وقد قال رسول الله (ص) : « رحم الله والدين أعانا ابنهما على برهما ».
جاءه رجل فقال يا رسول الله إني أجد قسوة في قلبي وجمودا في عيني . فماذا عساني أفعل؟
قال له رسول الرحمة: «ابحث عن طفل يتيم وامسح على رأسه واعطف عليه وأدخل السرور في قلبه ترى من انك شفيت من قسوة القلب وجمود العين.
الرسول يدعو إلى الرحمة بالأطفال والإحسان إليهم، وترك القسوة والشدة والعقاب في التربية والتعليم كما ينهى عن ترك الحبل على الغارب وإهمال الطفل وعدم العناية بتربيته.
ومن آداب الإسلام مساعدة الأطفال. فإذا رأى المسلم صبيا يسير على قدميه في الشمس أو الحر أو رآه ينتظر من يوصله أن يتوقف له بسيارته وان يوصله إلى بيته كما يوصل ابنه تماما، عملا بقول رسول الله (ص): «من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له».
أي من كان له مكان زائد على ناقته فيقدمه إلى من لا ناقة له. وقد كان رسول الله إذا رأى صبيا في الطريق وهو على ناقته يتوقف له وينيخ راحلته، وينادي على الصبي ويمسح رأسه في عطف وحنان ومحبة. ثم يحمله خلفه على ناقته حتى يوصله إلى بيته.
ويوصي الإسلام بعدم التفرقة بين الأبناء في المعاملة وخاصة في الأمور المالية والميراث، وقد جاء إلى الرسول (ص) رجل فقال للرسول: «أشهدك يا رسول الله أني قد أوصيت لولدي هذا من بعدي بكذا وكذا ... فقال له الرسول: وهل فعلت ذلك لكل أولادك؟ أم هذا وحده؟.
فقال الرجل: هذا وحده.
فقال له الرسول: اذهب فلا وصاية لك عندي ولا تشهدنى على جور.هذا في الأمور المادية الوراثية.
أما في الأمور العاطفية، فان الإسلام يأمر بالعدل والمساواة في إظهار الحب والمودة فلا يفضل احد الأطفال على غيره بالحنان والعطف. فذلك يثير الحسد ويخلق العداوة ويثير الحقد بين الإخوة والأخوات.
والإسلام يأمر بعدم التمييز بين الولد والبنت في المعاملة إلا في حدود ما أمر الله من ناحية الميراث حيث يكون للذكر مثل حظ الانثيين .
بل لقد كان رسول الله أكثر عطفا على البنات وأكثر وصاية بهن حتى يزيل من نفوس العرب عادة الجاهلية البغيضة. وفي هذا الصدد يقول الرسول (ص): «من كان له أنثى فلم يهنها ولم يؤثر ولده عليها وأحسن تعليمها كانت له سترا من النار» وكثيرا ما كان رسول الله (ص) يحمل أمامة بنت أبي العاص وهي ابنة ابنته زينب ويدللها ويضعها تحت عباءته ليدفئها في البرد ويحن عليها ويداعبها في طفولتها.
ودور الأب يتفوق على دور ألام في تربية الأبناء بعد السنوات الثلاث الأولى من عمر كل منهم، وفي هذا يقول النبي (ص) : «ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن».
إن الأبناء بنين وبنات هم ثمرات القلوب وأفلاذ الأكباد، وهم أمانة جليلة في أعناق الآباء. وأداء الأمانة يتمثل في حسن الرعاية ودقة التربية واستقامة التنشئة الاجتماعية.
ومن الواجب على الوالد ان يحرص أولا وقبل كل شيء على غرس بذور الأخلاق الفاضلة في نفس الولد أو البنت، وتعويدهما العادات الكريمة والخصال الحميدة والآداب الرفيعة وتجنيبهما الترف الزائد والبذخ ، وابعادهما عن قرناء السوء. وفي هذا يقول الغزالي عن تربية الوالد لولده و صيانته، بان يؤدبه ويعلمه محاسن الأخلاق ويحفظه من قرناء السوء ولا يعوده التنعم والترف، ولا يحبب إليه الزينة وأسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبر فيخسر عمره، بل ينبغي أن يراقبه من أول عمره.
كان المسلمون الأوائل يهتمون كثيرا بمسألة التربية وعرفت الأمثال التي تشير إلى هذا المعنى مثل قولهم: «من أدب ولده صغيرا سر به كبيرا» وقولهم أيضا: التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.
وكذلك قولهم: «اطبع الطين ما كان رطبا واعصر العود ما كان لدنا».
ويقول علماء التربية المعاصرين: بادروا بتعليم الأطفال قبل تراكم الأشغال. وانه وان كان الكبير أوقد عقلا، فانه اشغل قلبا ويقول الشاعر:
اذا المرء أعيته المروءة ناشيئا
فمطلبها كهلا عليه شديد
وينبغي تعليم الطفل المهنة التي يحبها ويعشقها ويبذل جهده في تعلمها والاستفادة منها كما يرى العلامة ابن سينا إذ يقول:
«انه ليست كل صناعة (مهنة) يرومها الصبي ممكنة له مواتية،ولكن ينبغي له أن يزاول ما شاكل طبعه وناسبه. ولقد روي أن يونس بن حبيب كان يتردد على الخليل بن احمد الفراهيدي ليتعلم منه العروض والشعر. فصعب ذلك عليه، فقال له الخليل يوما: من أي بحر قول الشاعر:
إذا لم تستطع شيئا فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع
ففطن يونس بن حبيب لقصد الخليل بن احمد وتوجه إلى أغراض أخرى في العلم غير العروض ونظم القوافي .